أزور والدي كل أسبوع. والدي، المصاب بمرض الألزهايمر، يعيش وحيداً. عندما أخبر الناس بذلك، يسألونني: «هل هذا آمن؟»، فأجيب: «ربما لا»، ثم أفكر: هل الحياة نفسها آمنة؟
والدي يرفض مغادرة منزله، ونحن نحاول مساعدته في البقاء هناك لأطول وقت ممكن. يقول البعض «أنا آسف»، فأردّ «شكراً». لكنّ الحقيقة هي أنّني أستمتع بالألزهايمر الذي يعاني منه والدي، على رغم من أنّ هذا لم يكن الحال دائماً.
عندما ظهرت الأعراض الأولى للمرض قبل وفاة والدتي، كان الوضع مرهقاً. كان والدي غاضباً دائماً، سواء من جهاز الكمبيوتر أو من الأشخاص المزعجين أو حتى مني. لكن الآن، تغيّرت الأمور.
نسيَ والدي غضبه السابق تجاهي، وأصبح يحبّني لأنّه يعتمد عليّ للعثور على أشيائه الضائعة كالمفاتيح والنظارات. كما أنّه يقدّر كل مرة أذكّره فيها بإنجازاتي، مثل الكتب التي كتبتها أو ورش العمل التي أديرها.
تكرار القصص أصبح نعمة بالنسبة إليّ؛ أروي نفس القصص مراراً وهو يضحك وكأنّها تُحكى لأول مرّة. كما أنّ تعليقاته الطريفة تضيف روحاً خفيفة إلى يومي. في إحدى المرات، قال إنّه يبلغ من العمر 60 عاماً، على رغم من أنّه في الـ87 من عمره، وأضاف أنّ لديه ابنة في السبعينات، بينما أنا أبلغ 56 عاماً فقط!
والدي يعيش الآن في عالم خارج الزمن، حيث يصبح الحاضر هو كل ما يَهمّ. في منزله، يمكنني التخلّي عن القلق بشأن الحقيقة أو الذكريات. الدخول إلى هذا العالم يمنحني حرّية التعبير، فأجد نفسي أقول أشياء كنت أخشى قولها سابقاً.
أخّيراً، أحضرتُ له مشغّل تسجيلات وألبوماً قديماً من موسيقى مكسيكية كان يعشقها. عند تشغيل الموسيقى، امتلأ المنزل بعزف القيثارة المبهج، وامتلأت عيناه بالدموع. قال: «لا يمكنك أن تعرف ماذا يعني هذا لي»، وظل يكرّرها طوال الليل.
تساءلت: هل نعرف يوماً قيمة ما نقدّمه للآخرين؟ وهل نخبرهم بما يعنيه لنا وجودهم في حياتنا؟ ربما يجب أن نتذكر أقل، ونسامح أكثر، ونحب بعمق أكبر.
قال لي والدي أثناء مغادرتي: «شكراً، لقد ساعدتني كثيراً». فكّرتُ: «وأنت أيضاً ساعدتني أكثر ممّا تعلم».